دور الأسرة في تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل / كيف نؤسس الطفل ونهتم بنفسيته
دور الأسرة في تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل / كيف نؤسس الطفل ونهتم بنفسيته
النمو النفسي واحد من أهم المجالات التي ينمو فيها الطفل من عمر يوم الى سن المراهقة , وبنفس الوقت هو واحد من اهم المجالات ايضاً التي فيها تقصير كبير جداً , والكثير من الاباء والأمهات يتعاملون مع اطفالهم على مبدأ التدجين , فالإنسان عندما يُنمي ويُربي دواجن فهو يهتم بالوزن والطول , فالأباء والأمهات الذين كل ما يؤرقهم في اطفالهم , هو طولهم ووزنهم وصحتهم الجسدية , لا يفهمون ان الطفل هو إنسان , فهو لا ينمو فقط وزناً وجسماً , وإنما ايضاً ينمو نفسياً .
فالكثير من الاباء والأمهات لا يؤولون هذا الجانب المهم اهتماماً كبيراً , ولا يحاولون ان يقوو شخصية طفلهم , حيث أن أغلب السلوكيات الخاطئة التي تصدر من الطفال , لها مرد نفسي بداخل هذا الطفل , حيث ان السلوك الخارجي الذي نركز عليه هو بسبب دافع داخلي , والدافع الداخلي عبارة عن حاجيات للطفل ومحفزات , كلها تؤثر فيما يسمى بالنمو النفسي .
دور الأسرة في تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل تشمل الآتي :
اولاً / جعل الطفل يعبر عن جميع مشاعره الداخلية
أول مظهر من مظاهر النمو النفسي , أن الطفل يبدأ يملك القدرة على التعبير عن الإنفعالات الإيجابية , مثل السرور والفرح , أو السلبية مثل الحزن , ويبدأ يعبر عنهما بصورة واضحة , وهذا التعبير جميل ومهم جداً للطفل ,ولكن للأسف وهنالك مشكلة في التعبير عن المشاعر في منطقتنا العربية , حيث انه تُعتبر دائماً ان الرجل ينبغي أن يكبت مشاعره , حيث اذا قال الرجل انا احب امي وزوجتي واخي واختي يقولون له عيب , لماذا عيب ؟ لانك رجل ! , وهذه بعض الأشياء التي لا ندري كيف أتت أو متى أتت تاريخياً ,
حيث العرب قبلها كانوا يتكلمون كثيراً عن المشاعر , والنبي صل الله عليه وسلم تكلم كثيراً عن المشاعر , وأدبها وهذبها , وقواها بشكل كبير جداً , وجعل الناس يسيرون بمراتب عليا بهذه المشاعر , إن الله عز وجل يظل في ظله رجلان تحابا في الله , ايضاً الله ينادي يوم القيامة , أين المتحابين في اين المتحابين , ومن هنا أقول ان أهم شيء ينبغي أن ينغرس في نفسية الطفل , هو التعبير عن كل مشاعره سواً الإيجابية أو السلبية .
ثانياً / المدح والذم وتأثيره على نفسية الطفل
الإنسان بُرمج منذُ صغره , من وهو طفل صغير , أنه حينما يحسن لا أحد ينظر اليه , وحينما يسيْ الكل يهتم وينظر اليه , وهذا للأسف هو في واقع أغلب الأسر والمجتمعات , حيث أن الإبن يقوم بأعمال حسنة كثيرة يومياً , يدرس ويحفظ ويصلي ولا أحد ينتبه الى هذا السلوك , لكن بمجرد أن يخطأ نجد هنالك تفاعل سريع ومباشر , فيتعلم أن سلوك السوء هو الذي ينتبه اليه , والطيب والحسن لا أحد ينتبه اليه , وهذه تربية .
الإعلام وأخبار اليوم وأثرها على نفسية الطفل
التربية الأخرى ايضاً , يتعلم الطفل من الإعلام والأخبار أنها فقط للجرائم والمشاكل , وكل الأخبار لا يوجد فيها مدح لسلوك حسن ابداً , بمعنى أن البيئة الإعلامية ايضاً لا تُراقب ولا تسلط الضوء على الحسن وانما على السوء من الأخبار , والعين الذي ينظر بها الى المجتمع هي عين الذبابة وليس عين النحلة , فعين النحلة مهمشة , النحلة غير موجودة عندنا , هذا الأمر الأول .
الأمر الثاني أن السوء حينما يحدث , يحدث في حالة نفسية وانفعالات عالية جداً , وهو ما يسمى بالإرتباط الشرطي , بمعنى أن الطفل كان في حالة معينة ثم وقع في حالة انفعال شديدة جداً بسبب حدث سيء ممن حوله , فحالة الإنفعال الشديدة هذه ارتبطت بصوت او صورة او بمشاعر معينة , فهي تثبت في ذاكرة الطفل ولا تطلع ابداً , احياناً نسمع منشد او قارئ او نرى صورة ونتذكر ذكرى او مشاعر عمرها عشرين سنة ,
فمثلا , طفل ذهب يصلي في المسجد ولم يغسل قدمه جيداً , وبعد الصلاة جاء خطيب الجامع أو احد الذي يرتادون المسجد بشكل دائم وسخر منه امام المصلين ووبخه , أصبح الطفل اثناء هذه الحادثة في ضعف شديد جداً , انهيار وضعف من السخرية امام الملأ , وفي هذه الحالة الصورة التي نظر اليها الطفل هي صورة مصلين متدينين ومسجد , فأصبح عنده صورة المتدينين وصورة المسجد ترتبط وتولد لديه المشاعر التي تعرض لها في تلك الحادثة , فإحتمال كبير أن يظهر عليه سلوك كره للصلاة والمتدينين بل والمسجد ايضاً .
فالطفل عندما كان في المسجد , صلى ولم يأتي احد أن يقول له بارك الله فيك أو يمدحه أمام المصلين بإنفعال ايجابي , فيرتبط عنده هذا الشعور الإيجابي , فالطفل اذا تعرض في حياته لحالة مدح فلن ينساها مطلقاً , فهو بشر فهو يحب المدح وكلنا ايضاً نحب المدح , صحيح ليس العمل أن ننتظر مدح من أحد ولكن اذا جاء المدح ( تلك بشرى عجل الله لي بها في الدنيا قبل الأخرة ) هذا ما قاله الرسول صلوات الله عليه .
إذا الطفل يحتاج الى موقف جميل لن ينساه , موقف يعطيه حماس ودافع غير عادي في حياته ليكون مميز وايجابي ونفسيته في اتزان واستقرار , نعطيه دافع كي يقرأ , وكي يكون طموحاً , كي يأكل ويمشي وهكذا .
أنا وطفلي